ديانة ليست كباقي الديانات
تنتشر البوذية في الهند وسريلانكا وتايلاند وكمبوديا ولاوس والصين واليابان
وتايوان والتبت والنيبال ومنغوليا وكوريا وفيتنام ويبلغ تعدادهم في العالم
حوالي 150- 300 مليون شخص تقريبا وتعتبر عملية إحصاء عدد المنتسبين لهذه
الديانة في البلدان الآسيوية مشكلة كبيرة نظرا لاعتناق الناس عدة معتقدات
في آن واحد كما أن بعض البلدان مثل الصين تمنع إجراء مثل هذه الإحصاءات
نظرا لحساسية الموضوع الديني عندها لكون ان نظامها شيوعيا ولا يقيم أعتبارا
الى اي ديانة.
ظهرت البوذية في الهند على يد مؤسسها ويدعى "سذهاتا"
وأطلق عليه أتباعه "بوذا" وتعني العارف المستنير هو ابن أحد أمراء بلدته
من ذوي الجاه والمنزلة والأموال الكثيرة حيث مكث " بوذا " في هذا النعيم
ثلاثين عاما من عمره إلى أن قرر ان يغير نمط حياته من النعيم الى الجحيم
وترك العز والجاة وأفخم القصور واغنى الحدائق لكي يعيش كما يعيش الفقراء
فحاول أن يجد تفسيرا مقبولا لتلك الآلام وعن مصدرها وعن سببها وعن كيفية
التخلص منها فلم يجد إجابة تشفيه فظن أن ما فيه من النعيم هو الحجاب الذي
يغطي عقله عن رؤية الحقيقة واكتشافها.
عاش بوذا بعد ذلك حياة قاسية
حيث ترك زوجته وأطفاله وقام بحلق شعر رأسه ولحيته وكان يجلد ذاته بممارسات
منها راقداً على الشوك وترك ملذات الحياة المختلفة وكان يكثر من ارتياد
مكاناً تلقى فيه جثث الموتى مكشوفة ليأكلها الطير والوحش منها حيث كانت
العادات والتقاليد المعمول بها في مدينته بترك الاموات للطيور والوحوش
تأكلها فكان ينام بين تلك الجثث وقلل من طعامه وكان يكثر من التأمل
والتفكير في سر هذا الكون.
وأستمر بوذا على هذا المنوال سبع سنين
وأصبح ضعيف الجسد فعلم بعدها أن الجسد الضعيف لا يغذي عقله إلا بالأوهام
والخيالات وعاد إلى حياة الاعتدال مرة أخرى ولكنه لم يترك التفكير لعله يصل
إلى فك لغز الحياة .
ويذكر الباحثون "أن بوذا كان يمشي وحيدا
وأراد ان يستريح فجلس تحت ظل شجرة في غابة تدعى أورويلا وإنه أحس برغبة في
البقاء تحتها فاستجاب لهذه الرغبة وهنا حدث أن سمع من يناديه - فقال سمعت
صوتا من داخلي يقول بكل جلاء وقوة نعم في الكون حق أيها الناسك هناك حق لا
ريب فيه جاهد نفسك اليوم حتى تناله "
بدأ بوذا مرحلة الدعوة لينال
الناس السعادة التي نالها والمعرفة التي توصل إليها فجمع حوله مجموعة من
الشبان بلغ عددهم مائتين. وبعدها اتسعت دعوة بوذا لتتعدى مدينتة التي كان
يعيش فيها وقام بارسال التلاميذ إلى مختلف المدن لتعليم الناس ودعوتهم إلى
البوذية وكان يوصيهم :
" اذهبوا وانشروا النظام في البلاد رحمة
بسائر الخلق وإيثارا لمصلحة الكثيرين على راحتكم ولا يذهبن اثنان منكم في
طريق واحد بل يسلك كل واحد سبيلا غير سبيل أخيه "
واخذت البوذية بالأتشار واخذت الناس تتخذ من بوذا الهاً ويعتبرونه معبودا يعبدونه ووصفوه بعض رهبان البوذية بأنه كان :
"
شديد الضبط قوي الروح ماضي العزيمة واسع الصدر بالغ التأثير جامدا لا
ينبعث فيه حب ولا كراهية لا تحركه العواطف ولا تهيجه النوازل مؤثرا
بالعاطفة والمنطق "
مات بوذا عن عمر ناهز الثمانين عاما فقام تلامذته وأتباعه بعد موته بحرق جثته.
"
اجتمع تلامذته وعقدوا مجلسا كبيرا فيما بينهم ليحفظو ما ينسب إلى بوذا من
أقوال وقصص وظل هذا التراث محفوظا في الصدور حتى عهد الملك آسوكا حيث ظهر
فيه شيء من التحريف والاختلاف فاجتمع زعماء البوذية وتشاوروا في سبيل حفظ
تراثهم فأجمعوا على وجوب كتابة تلك المجموعات الثلاث " العقائد " "الشريعة
أو النظام"، "المواعظ والحكايات"، وسموا تلك المجموعات بالسلال الثلاث فسلة
للعقائد وسلة للقصص والمواعظ وسلة للشريعة أو النظام " كما اورده البستاني
.
معتقداتهم:-
أولا إنكار الإله :
لم يكن بوذا نبيا
يوحى إليه بالمغيبات أو فيلسوفا بل كانت دعوته منصبة على ما يراه سبيل
الخلاص للبشر ومن هنا كان ينهى تلامذته عن الكلام في الغيبيات وكان يؤمن
بالمحسوسات ويبحث عن سر الحياة والتفاوت بين البشر .
ثانيا : اعتقاده بمذهب التقمص أو تناسخ الأرواح :
وهو
ماورثه من الهندوسية الذي يقوم على تكرار المولد في ولادات متعاقبة فلا
ينتهي عمر الإنسان في مرحلة ما بالموت حتى يبدأ حياة أخرى فالولادة في نظر
بوذا هي الشرور لذا لا بد من ايقاف استمرارها فدعا إلى الرهبنة وترك ملاذ
الحياة وفي مقدمتها النكاح ولم يشجع الزواج .
ثالثا: النجاة عند بوذا:
وهو ان يجنب الانسان نفسه العودة إلى الحياة وعندها سينجو وسينطلق إلى عالم آخر عالم لا يمت إلى الواقع بصلة عالم يصفه بوذا بقوله :
"
أيها المريدون هي طور لا أرض فيه ولا ماء ولا نور ولا هواء لا فيه مكان
غير متناه ولا عقل غير متناه ليس فيه خلاء مطلق ولا ارتفاع الإدراك واللا
إدراك معا ليس هو هذا العالم وذاك العالم لا فيه شمس ولا قمر ".
وصايا بوذا:-
ولة عشر وصايا كما أوردها البستاني في دائرة المعارف:
"
لا تقتل - لا تسرق - كن عفيفاً - لا تكذب - لا تسكر - لا تأكل بعد الظهر-
لا تغنِ ولا ترقص - وتجنّب ملابس الزينه - لا تستعمل فراشاً كبيراً - لا
تقبل معادن كريمة" .
عباداتهم:
ليس للبوذية عبادات يفعلونها سوى
تقديس بوذا وحمده والثناء عليه وقد ذكر صاحب كتاب ( دراسات في اليهودية
والمسيحية وأديان الهند ) بعض ترانيم البوذية في الثناء على بوذا فكانت
فكرة بوذا عن الدين سلوكية خالصة فكان كل ما يعنى به بوذا هو سلوك الناس
وأما الطقوس وشعائر العبادة وما وراء الطبيعة واللاهوت فكلها أمور لاتستحق
عنده النظر او التأمل لعدم ايمانة بالغيبيات .
فرق البوذية:
يعتبر
تاريخ البوذية تاريخاً غامضاً ولكن المعروف كما يقول البستاني هو أنه عصفت
بها المشاكل وحدثت بها انشقاقات وصلت إلى حوالي ثمانية عشر طائفة ولكن
أشهرها اثنتان.
الفرقة الأولى:
وتدعى"هنايان" لا تؤمن
بإلوهية بوذا بل تعتقد أنه إنسان عاش كغيره من الناس ومات إلا أنه بلغ
درجات عالية من الصفات الحسنة والأخلاق الكريمة حتى وصل إلى مرتبة قديس
واستحق أن يلقب ب "آجايا منش " ويرتدي كهنتها ثوباً أصفر اللون ويحلقون
رؤوسهم وعليهم الالتزام بعددٍ من القواعد البوذية شديدة التعقيد مثلاً: لا
يسمح لهم تناول أي طعام بعد منتصف النهار ولا يسمح لهم بحمل أيّ نقود أو
ملكية وهي أصغر أشكال البوذية وأتباعها يعتبرون أن بوذا مجرد رجل وضع بعض
القواعد السلوكية وهو ليس إلها يُعبد وتنتشر هذه الفرقة في جنوب الهند
وسيرلانكا وأشهر آثار بوذا في هذه المنطقة هي إحدى بقايا أسنانه التي يتبرك
به اتباعه.
الفرقة الثانية:
وتدعى "ماهايان" وهي التي
تعتقد بان بوذا هو اله وتدعي أنه ليس له جسم بل إنه نور وقد ظهر في الدنيا
ليكون رحمة وهاديا لاصحابه ويعتبرونه الإله الأكبر الأزلي وتنتشر هذه
الفرقة في الهند والتبت ومنغوليا والصين واليابان ويرى البوذيون أن الحافز
الى العمل هي نتائج هذه الاعمالوان حوافزها هي نتائجها ومردوداتها على حياة
النسان .
ومن هذا المنطلق فإن الزهد والفكر السليم سلاحان قويان
باستطاعتهما أن يقفا في وجه الموجات الغرائزية والتحرر من نير الشهوات
والفضيلة عند بوذا هي الغاية وقد جاء في نصوص (الدارما): الذين يفكرون
بمنطق الفضيلة في كلّ غاياتهم ومقاصدهم يزدادون قوّة على قوّة في سلامة
منطقهم فلا يتقيدون برباط دنيوي أو شهواني .
كما جعل طريق الزهد
والتقشف طريقاً محبباً يسلكه الحكماء بقصد الابتعاد عن الطرقات المظلمة
والاتجاه صوب النور: ليستعد الرّجل الحكيم لترك طريق مظلم، وليدخل في كلّ
صوب مضيء، وعندما يترك منـزله ولا يجد له محلاً يبيت فيه يكون قد حبّب
لنفسه طريق الزهد والتقشف
أمواتهم
يقومون بتقطيع جثة
الميت ويرمون هذه القطع على قمة الجبال حتى تأكلها الحيوانات الضارية
والطيور الكاسرة ولا سيما النسور. وطريقتهم في التخلص من جثث الموتى
يعتبرونها نوعاً من الكرم لأنهم يقدمون الطعام للحيوانات والطيور وبذالك
يطيلون بقاء هذه الكائنات.وهنالك فئة أخرى تعتقد أن هذه المراسم ترسل الميت
الى المناطق العليا المقدسة في السماء بواسطة النسور.
في أوائل
الخمسينات قامت السلطات الصينية بمنع هذه المراسم حيث اعتبرتها أعمال همجية
ولكن في بداية الثمانينات سمحت بممارستها من جديد. لا يسمح للغرباء
بالاطلاع على هذه المراسم والتصوير ممنوع في أغلب الحالات.
في
البداية تجتمع عائلة الميت ويقومون ببعض الشعائر الدينية . بعد الانتهاء
من هذه الشعائريتجهون الى قمة الجبل القريبة حاملين جثة الميت وعادة تكون
الجثة كاملة ويتم تقطيعها على قمة الجبل بواسطة رجال متخصصون في
تقطيع الموتى:
من
الجدير ذكره أنه توجد طريقتين في التعامل مع جثث الموتى الطريقة الاولى هي
القاء الجثة كاملة على قمة الجبل وهذه الطريقة فقط للناس البوذيون الفقراء
الذين ليس لديهم امكانية دفع أجور تقطيع جثة الميت منهم.
بينما
الطريقة الثانية يتم من خلالها تقطيع الجثة الى قطع صغيرة وهذه الطريقة
تعتبر مكلفة ويتقاضى عليها الرجل المكلف بالمهمة ما يعادل ثلاث رواتب شهرية
بالنسبة لسكان التبت.
تعتبر طريقة التقطيع مكلفة لأن
المهمة ليست بسيطة وهنالك أدوات خاصة للتقطيع. يقول شهود العيان أن هؤلاء
الرجال عند تقطعيهم للجثة لا يبدو عليهم التأثير بل قد تجدهم يضحكون
ويتسامرون لأنهم يؤمنون أن هذه الجثة هي عبارة عن كومة لحم فقط لا قيمة لها
بعد خروج الروح منها.